اغتيال بوضياف
بعد الانقلاب العسكري في الجزائر يوم 11 يناير (كانون الثاني) 1992 أراد جنرالات الجيش القمعيون إيجاد وسيلة لتهدئة المواطنين الساخطين إثر إيقاف المسار الانتخابي من جهة وإبعاد الجيش من واجهة قيادة الدولة من جهة أخرى. كانوا يدركون أن في مصلحتهم التحرك وراء حكومة يزعم أنها مدنية. تفاديا لانتقادات الدول الغربية التي رغم ارتياحها لعدم وصول الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى الحكم- لا تستطيع دعم دكتاتورية عسكرية مباشرة.
وتعيّن على الجنرالات وهم: خالد نزار وعبد المالك قنايزية ومحمد العماري ومحمد تواتي ومحمد مدين إيجاد رئيس للدولة يتمتع بمواصفات معينة وتتوفر فيه معايير محددة. وكقاعدة انطلاق فقد كان المعيار الأول مفروغا منه. فالشخص الذي يقع عليه الاختيار يجب أن يكون من قدماء المجاهدين وله ماض لا يُعاب وان يكون -أن أمكن - ضحية لنظام الشاذلي وحتى لنظام بومدين, كما يجب أن يكون بعيدا كل البعد عن كل الانقسامات السياسية.
ولم تكن هذه المعايير المحددة متوفرة لدى الكثيرين ممن يمكن ترشيحهم لمنصب رئيس دولة, ويكاد يكون من باب الصدفة أن وقع اسم محمد بوضياف على لسان الجنرال نزار, فبوضياف رجل ذو وزن ثقيل وتتوفر فيه كل الشروط المطلوبة. لكن المشكل الكبير الذي كان مطروحا, هو هل سيقبل السيد بوضياف بمنصب محرج وقد ابتعد عن السياسة منذ زمن بعيد ليتفرغ كلية لأعماله الخاصة وأسرته حينئذ, قرر الجنرالات إرسال (صديق قديم) لإبلاغه بالاقتراح.. وكان ذلك الصديق هو علي هارون, وكانت مهمة هذا الأخير حساسة جدا. حيث حبس جميع الجنرالات الذين كانوا في الأمانة العامة لوزارة الدفاع الوطني أنفاسهم في انتظار الجواب بالقبول أو الرفض من طرف بوضياف.
وفي المغرب, التقى الصديقان في بيت السي محمد (بوضياف), حيث أطلع علي هارون بوضياف على هدف زيارته بعاطفة جياشة. فوعده بمضياف الذي تأثر بالعرض من دون أن يتفاجأ به بالتفكير في الموضوع وإبلاغهم بما يقرره في اقرب الآجال. وبعد مشاورات مع أسرته وصديق آخر له يعمل طبيبا, وافق بمضياف على الطلب ليس لعظمة المنصب, بل لأن الساعة تنذر بالخطر في الجزائر والوضع الذي أطلعه عليه علي هارون ينذر بالكارثة.
وباشر بوضياف اتصالاته الأولى من المغرب حيث اتصل بأعضاء قدامى في حزب الثورة الاشتراكي واطلع الملك الحسن الثاني على الموضوع الذي اعتبره هدية السماء طامعا في أن تجد أزمة الصحراء الغربية عندئذ مخرجا لها.
وابلغ علي هارون جنرالات الجزائر )لبينوشيين) الذين ظنوا أنهم وجدوا حلا للازمة الدستورية التي تهدد مصالحهم الشخصية فأعلنوا الخبر للعامة وبدئوا في التحضيرات استعدادا لاستقبال منقذ الجزائر. وتم اطلاع حكومة باريس بهذا الاختيار في نفس الليلة التي قرر فيها النظام الفرنسي الاتصال ببوضياف الذي كان معروفا لدى الفرنسيين لشغله منصب ضابط مساعد في الجيش الفرنسي سابقا وحوزه على ميدالية عسكرية وصليب الحرب الفرنسية. إذن ليس هناك من اختيار من شأنه أن يرضي أصدقاءهم فيما وراء البحر أكثر من هذا الاختيار؟ وبالتالي تكون الثغرة قد سُدت وأعيدت الشرعية للقيادة السياسية في البلد وكان نزار ساهم شخصيا في تزكية بوضياف رئيسا على رأس المؤسسة العسكري غير أن بعض الضباط السامين في الجيش الذين شجبوا هذا الخيار اعتبروا هذه الخطوة اهانة لهم. فلم ينسوا أن هذه الشخصية الثورية (بوضياف) انحازت لجانب الملك الحسن الثاني أيام المسيرة الخضراء التي أدت إلى نشوب حرب الإخوة راح ضحيتها مئات الجنود الجزائريين دون ذكر الذين اعتبروا في عداد المفقودين والمعتقلين.
الجمعة يناير 22, 2016 7:18 pm من طرف einstein2
» الدفن عند البوذيين
الأحد يناير 10, 2016 4:43 pm من طرف einstein2
» دائرة دون مسلخ
السبت يناير 09, 2016 8:35 pm من طرف einstein2
» هل تعرفون كيف مات الشيخ محمد الغزالي ؟
الجمعة ديسمبر 11, 2015 7:16 pm من طرف einstein2
» فضل سورة البقرة
الإثنين ديسمبر 07, 2015 5:40 pm من طرف einstein2
» الجزائر 7 - 0 تنزانيا
الخميس ديسمبر 03, 2015 5:21 pm من طرف einstein2
» راس الوادي ماضيا وحاضرا
الثلاثاء ديسمبر 01, 2015 3:14 pm من طرف einstein2
» اين رواد الموقع
الأحد نوفمبر 29, 2015 8:31 pm من طرف einstein2
» internet download manager
الخميس نوفمبر 26, 2015 4:39 pm من طرف einstein2