قتيل الهوى
خرج من بيته بعد أن أعلنت الساعة تمام الواحدة بعد منتصف الليل . خرج و هو يصارع المرض و الألم كمن خرج ليستقبل الموت . ساعة خروجه كانت غيوم الشتاء قد أطفأت أنوار القمر و كانت الريح تعوي عواء ذئب جريح و قطرات المطر تنهمر من السماء بقوة و غزارة كدموع أم ثكلى فقدت كل عائلتها في لحظة واحدة .
خرج من بيته ضاربا بتوسلات أهله له بعدم الخروج بعرض الحائط . لم يستمع لحظتها لاستغاثة أمه و لا لتوسلاتها له . أطبق باب المنزل وراءه بعنف و قوة و خرج و هو يتخبط مع عصف الريح و هطول المطر فركضت أمه لتستجير بمن يمكن أن يرجعه إلى المنزل و لكنه كان قد توارى وراء جنح الظلام فوقعت على الأرض ليترآى شبحها كلما أبرقت السماء و تضيع في الظلام بعد ذلك . و المطر قد بلل وجهها و ثيابها و دموعها تنهمر من عينيها بغزارة المطر المنهمر من السماء .
استقل سيارة الأجرة و هو لا يكاد يملك ثمن ركوبها و اتجهت السيارة به تجاه المشفى الذي كانت تقيم فيه حبيبته . و عندما وصل إلى المشفى منعه حارس البوابة من الدخول لتأخر الوقت ولكن بعد طول رجاء و توسل سمح له بالدخول لمدة خمس دقائق فقط . فدخل إلى المشفى و بدأ يبحث عن غرفة العناية المشددة و هو يركض في بهو المشفى و دهاليزها بقدمين لا يقويان على حمل جسده الذي أنهكه المرض والتعب ... و أخيرا وصل إلى الغرفة التي يبحث عنها و وضع يده على قبضة الباب ليفتحه
و هنا بدأت أفكاره المشتتة تتخبط ببعضها كأمواج بحر هائج قد ألمت به عاصفة هوجاء
ماذا عليه أن يفعل 00 ؟ هل يدخل إليها و يرتمي على صدرها و يبكي ؟ أم هل عليه أن يرجع أدراجه حتى لا تراه و لا ترى ما وصلت إليه حاله من العلة و المرض و لا ترى شحوبه و هزل جسده و لحيته الطويلة و شعره الأشعث و ثيابه المبللة ؟
و بعد تفكير طويل قرر الدخول ... ففتح الباب و دخل فوجدها ممدة على سرير و مغطاة بغطاء أبيض و قد علق في يدها و على صدرها أجهزة العلاج . كانت جثة هامدة كجثة ميت مسجاة في تابوت قد أعدت لدفنها . عندما رآها انهارت قواه فوقع على الأرض جاثيا على ركبتيه و انهالت الدموع من عينيه و سالت على عرض خدوده .
زحف على يديه و ركبتيه نحوها و حاول أن يتمالك قواه فوقف أمامها و هي بغيبوبة كاملة . انحنى أمامها و قبل جبينها فوقع على ركبتيه ثانية فوضع رأسه على صدرها و غمرها بين يديه و هو يبكي و يرثي لحالها . و بعد لحظات فتحت عينيها فذهلت لما رأته أمامها ففاضت عيناها بالدمع و بدت عيونها و كأنها تسأله : لماذا أتيت ؟ و زاد بكاؤها عندما تبين لها تدهور صحته و تحركت شفاهها بدون أن يصدر عنها أي صوت و كأنها ترجوه بأن يرجع إلى بيته . و أخيرا نطقت شفتاها بكلمة أخيرة و قالت له : أحبك ....
و عندها أغمضت عينيها فنظر إلى الجهاز الموضوع إلى جانبها فوجد أنه قد توقف عن العمل . فصرخ صوتا سمع المشفى كله دويه و رنينه و ارتمى عليها باكيا
فهرع الأطباء إلى الغرفة و تفقدوا الجهاز فتبين لهم وفاتها
فوقفوا لحظة بذهول .. و بعدها أبعدوه عنها بالقوة و سحب أحدهم الغطاء على وجهها و أخرجوه لخارج الغرفة .
و بعد مضي فترة على جلوسه على الأرض أمام غرفتها تمالك قواه و بدأ يستند إلى الجدران و خرج من المشفى . كان المطر وقتها لا يزال ينهمر من السماء و كأنه حبال و الرعد و البرق كان دويهما مخيفا و مرعبا للغاية
وقع على الرصيف عدة مرات بعد أن خرج من المشفى و أخيرا استقر به المقام على أحد الأرصفة في شوارع المدينة تحت هطول المطر و دوي الرعد و لمع البرق 00 و بعد أن هدأت الأمطار قليلا و نادى مؤذن أحد المساجد القريبة لصلاة الفجر رآه أحد المصلين الذاهبين إلى المسجد فحمله و أخذه إلى منزله و بحث في جيوبه عن أي وثيقة تدل على شخصيته فعرف اسمه و عنوانه من بطاقته الشخصية فحمله بسيارته و انطلق به تجاه البلدة التي يقيم فيها و أوصله إلى منزله و عندما وصل إلى الحي المكتوب اسمه في البطاقة وجد عدة أشخاص يقفون في الشارع فتوقف أمامهم ليسألهم عن عنوان هذا الشاب فإذ به يفاجأ بأن هؤلاء الأشخاص هم أهل هذا الشاب و عرف منهم بأنهم كانوا يبحثون عنه طوال الليل فأبلغهم ما جرى معه و سلمهم الشاب و هو مغشي عليه و رجع إلى بيته .
فحمله أهله إلى سريره و طلبوا له الطبيب ليراه و بقي في غيبوبة مستمرة لمدة ثلاثة أيام .
استفاق بعدها و عندما حاول النزول من فوق سريره وقع على الأرض و أخذت الدماء تنزف من جبينه بغزارة إلى أن تجمعت بقعة دم كبيرة تحت رأسه فرفع رأسه و غمس إصبعه بالدم و كتب اسم حبيبته على جدار الغرفة و خر بعدها ميتا في غرفة مظلمة باردة و هو يسبح بدمه و ذكريات عشقه بين عينيه تمر أمامه و كأنها شريط يعيد أحداث الماضي بما فيه من ابتسامات و دموع
كان للصباح يومها منظر غريب يثير الدهشة
فالغيوم التي أطبقت السماء لمدة أكثر من أسبوع كانت قد بدأت تتلاشى شيئا فشيئا و حزمة نور من شعاع الشمس قد تسللت من بين الغيوم لتصب فوق شباك غرفته
استيقظ الحي كله ذاك الصباح على صوت عويل الأم المسكينة المفجوعة بولدها . كان الحي يومها هادئا تماما لا يسمع فيه إلا صوت نحيب الأم و خلال ساعات قصيرة بعد أن وجد هذا الشاب مضرجا بدمه على أرض غرفته تمم أهله مراسيم دفنه في مقبرة قريبة من الحي و علامات الحزن و الكآبة تغطي أزقة الحي و كل زاوية من زواياه حتى السماء كانت حزينة كئيبة فتارة تهطل الأمطار بغزارة و قوة و تارة أخرى تميل إلى الهدوء و الإيمان بالقضاء و القدر .
البعض من أهل الحي نفوا حادثة وفاة هذا الشاب و قالوا : بأنهم قد رأوه عند قبر عشيقته
و بعضهم قال : بأنه قد رآه يحوم حول بيتها
و حتى هذه الساعة لم يعرف بعد فيما إذا كان قد مات فعلا أم أنه لا يزال حيا
أم أن ما يراه الجوار هو شبح ذاك الشاب
و بقيت قصته أحدوثة يتناولها جميع أهالي الحي و الأحياء المجاورة
خرج من بيته بعد أن أعلنت الساعة تمام الواحدة بعد منتصف الليل . خرج و هو يصارع المرض و الألم كمن خرج ليستقبل الموت . ساعة خروجه كانت غيوم الشتاء قد أطفأت أنوار القمر و كانت الريح تعوي عواء ذئب جريح و قطرات المطر تنهمر من السماء بقوة و غزارة كدموع أم ثكلى فقدت كل عائلتها في لحظة واحدة .
خرج من بيته ضاربا بتوسلات أهله له بعدم الخروج بعرض الحائط . لم يستمع لحظتها لاستغاثة أمه و لا لتوسلاتها له . أطبق باب المنزل وراءه بعنف و قوة و خرج و هو يتخبط مع عصف الريح و هطول المطر فركضت أمه لتستجير بمن يمكن أن يرجعه إلى المنزل و لكنه كان قد توارى وراء جنح الظلام فوقعت على الأرض ليترآى شبحها كلما أبرقت السماء و تضيع في الظلام بعد ذلك . و المطر قد بلل وجهها و ثيابها و دموعها تنهمر من عينيها بغزارة المطر المنهمر من السماء .
استقل سيارة الأجرة و هو لا يكاد يملك ثمن ركوبها و اتجهت السيارة به تجاه المشفى الذي كانت تقيم فيه حبيبته . و عندما وصل إلى المشفى منعه حارس البوابة من الدخول لتأخر الوقت ولكن بعد طول رجاء و توسل سمح له بالدخول لمدة خمس دقائق فقط . فدخل إلى المشفى و بدأ يبحث عن غرفة العناية المشددة و هو يركض في بهو المشفى و دهاليزها بقدمين لا يقويان على حمل جسده الذي أنهكه المرض والتعب ... و أخيرا وصل إلى الغرفة التي يبحث عنها و وضع يده على قبضة الباب ليفتحه
و هنا بدأت أفكاره المشتتة تتخبط ببعضها كأمواج بحر هائج قد ألمت به عاصفة هوجاء
ماذا عليه أن يفعل 00 ؟ هل يدخل إليها و يرتمي على صدرها و يبكي ؟ أم هل عليه أن يرجع أدراجه حتى لا تراه و لا ترى ما وصلت إليه حاله من العلة و المرض و لا ترى شحوبه و هزل جسده و لحيته الطويلة و شعره الأشعث و ثيابه المبللة ؟
و بعد تفكير طويل قرر الدخول ... ففتح الباب و دخل فوجدها ممدة على سرير و مغطاة بغطاء أبيض و قد علق في يدها و على صدرها أجهزة العلاج . كانت جثة هامدة كجثة ميت مسجاة في تابوت قد أعدت لدفنها . عندما رآها انهارت قواه فوقع على الأرض جاثيا على ركبتيه و انهالت الدموع من عينيه و سالت على عرض خدوده .
زحف على يديه و ركبتيه نحوها و حاول أن يتمالك قواه فوقف أمامها و هي بغيبوبة كاملة . انحنى أمامها و قبل جبينها فوقع على ركبتيه ثانية فوضع رأسه على صدرها و غمرها بين يديه و هو يبكي و يرثي لحالها . و بعد لحظات فتحت عينيها فذهلت لما رأته أمامها ففاضت عيناها بالدمع و بدت عيونها و كأنها تسأله : لماذا أتيت ؟ و زاد بكاؤها عندما تبين لها تدهور صحته و تحركت شفاهها بدون أن يصدر عنها أي صوت و كأنها ترجوه بأن يرجع إلى بيته . و أخيرا نطقت شفتاها بكلمة أخيرة و قالت له : أحبك ....
و عندها أغمضت عينيها فنظر إلى الجهاز الموضوع إلى جانبها فوجد أنه قد توقف عن العمل . فصرخ صوتا سمع المشفى كله دويه و رنينه و ارتمى عليها باكيا
فهرع الأطباء إلى الغرفة و تفقدوا الجهاز فتبين لهم وفاتها
فوقفوا لحظة بذهول .. و بعدها أبعدوه عنها بالقوة و سحب أحدهم الغطاء على وجهها و أخرجوه لخارج الغرفة .
و بعد مضي فترة على جلوسه على الأرض أمام غرفتها تمالك قواه و بدأ يستند إلى الجدران و خرج من المشفى . كان المطر وقتها لا يزال ينهمر من السماء و كأنه حبال و الرعد و البرق كان دويهما مخيفا و مرعبا للغاية
وقع على الرصيف عدة مرات بعد أن خرج من المشفى و أخيرا استقر به المقام على أحد الأرصفة في شوارع المدينة تحت هطول المطر و دوي الرعد و لمع البرق 00 و بعد أن هدأت الأمطار قليلا و نادى مؤذن أحد المساجد القريبة لصلاة الفجر رآه أحد المصلين الذاهبين إلى المسجد فحمله و أخذه إلى منزله و بحث في جيوبه عن أي وثيقة تدل على شخصيته فعرف اسمه و عنوانه من بطاقته الشخصية فحمله بسيارته و انطلق به تجاه البلدة التي يقيم فيها و أوصله إلى منزله و عندما وصل إلى الحي المكتوب اسمه في البطاقة وجد عدة أشخاص يقفون في الشارع فتوقف أمامهم ليسألهم عن عنوان هذا الشاب فإذ به يفاجأ بأن هؤلاء الأشخاص هم أهل هذا الشاب و عرف منهم بأنهم كانوا يبحثون عنه طوال الليل فأبلغهم ما جرى معه و سلمهم الشاب و هو مغشي عليه و رجع إلى بيته .
فحمله أهله إلى سريره و طلبوا له الطبيب ليراه و بقي في غيبوبة مستمرة لمدة ثلاثة أيام .
استفاق بعدها و عندما حاول النزول من فوق سريره وقع على الأرض و أخذت الدماء تنزف من جبينه بغزارة إلى أن تجمعت بقعة دم كبيرة تحت رأسه فرفع رأسه و غمس إصبعه بالدم و كتب اسم حبيبته على جدار الغرفة و خر بعدها ميتا في غرفة مظلمة باردة و هو يسبح بدمه و ذكريات عشقه بين عينيه تمر أمامه و كأنها شريط يعيد أحداث الماضي بما فيه من ابتسامات و دموع
كان للصباح يومها منظر غريب يثير الدهشة
فالغيوم التي أطبقت السماء لمدة أكثر من أسبوع كانت قد بدأت تتلاشى شيئا فشيئا و حزمة نور من شعاع الشمس قد تسللت من بين الغيوم لتصب فوق شباك غرفته
استيقظ الحي كله ذاك الصباح على صوت عويل الأم المسكينة المفجوعة بولدها . كان الحي يومها هادئا تماما لا يسمع فيه إلا صوت نحيب الأم و خلال ساعات قصيرة بعد أن وجد هذا الشاب مضرجا بدمه على أرض غرفته تمم أهله مراسيم دفنه في مقبرة قريبة من الحي و علامات الحزن و الكآبة تغطي أزقة الحي و كل زاوية من زواياه حتى السماء كانت حزينة كئيبة فتارة تهطل الأمطار بغزارة و قوة و تارة أخرى تميل إلى الهدوء و الإيمان بالقضاء و القدر .
البعض من أهل الحي نفوا حادثة وفاة هذا الشاب و قالوا : بأنهم قد رأوه عند قبر عشيقته
و بعضهم قال : بأنه قد رآه يحوم حول بيتها
و حتى هذه الساعة لم يعرف بعد فيما إذا كان قد مات فعلا أم أنه لا يزال حيا
أم أن ما يراه الجوار هو شبح ذاك الشاب
و بقيت قصته أحدوثة يتناولها جميع أهالي الحي و الأحياء المجاورة
الجمعة يناير 22, 2016 7:18 pm من طرف einstein2
» الدفن عند البوذيين
الأحد يناير 10, 2016 4:43 pm من طرف einstein2
» دائرة دون مسلخ
السبت يناير 09, 2016 8:35 pm من طرف einstein2
» هل تعرفون كيف مات الشيخ محمد الغزالي ؟
الجمعة ديسمبر 11, 2015 7:16 pm من طرف einstein2
» فضل سورة البقرة
الإثنين ديسمبر 07, 2015 5:40 pm من طرف einstein2
» الجزائر 7 - 0 تنزانيا
الخميس ديسمبر 03, 2015 5:21 pm من طرف einstein2
» راس الوادي ماضيا وحاضرا
الثلاثاء ديسمبر 01, 2015 3:14 pm من طرف einstein2
» اين رواد الموقع
الأحد نوفمبر 29, 2015 8:31 pm من طرف einstein2
» internet download manager
الخميس نوفمبر 26, 2015 4:39 pm من طرف einstein2