الجريمة
إدراجي اليوم يعتبر مفاجأة كبيرة.لقد دعاني أحد الأخوة من أبناء الشهداء ، طبعا عن طريق الهاتف وألح علي بضرورة الحضور ، مؤكدا لي أهمية الموضوع، لم أكن على استعداد أن أسافر مئات الكيلومترات في شهر الصوم الفضيل ، وقد دب الهزال في جسدي، لكنه ترجاني ، بل توسلني بكل عزيز علي، لبيت الدعوة مكرها، قصدت محطة الحافلات .من محطة إلى محطة ، ومن مدينة إلى أخرى حتى وصلت ذلك الأخ العزيز الذي لم ألتق به منذ زمن غير يسير، لكن الذي لم أتصوره بعد طول فراق أن أجده ينتحب ، نعم ينتحب وهو في حالة هسترية . لما رآني تماسك ، مسح دموعه وبكلمات تملؤها العبرات رحب بي بجمل مختصرة ، لم يخبرني شيئا عن سبب نحيبه ،حسبت أني قد فهمت سبب محنته ، المؤكد أن أحد أعز الناس عليه قد انتقل إلى رحمة الله، فرحت أواسيه بما جادت علي قريحتي في مثل هذه المواقف التي تقحط فيها لغة المرء ، ويجف عقله وتتصلب أفكاره، لم يرد علي بأية ،إنما شرع يظهر لي صورا لعملية تدمير كبيرة ، لم أتبين الموقع ، كوني لا أعرف المنطقة التي وقع فيها ذلك لأمر المروع الذي جعل صديقي في هذه الحالة المأساوية ، ودفعه لاستدعائي بإلحاح شديد، في شهر الصوم، تيبست مفاصلي ، وأصابني الشلل لما أظهر لي الصورة الثانية، لجمجمة مصابة بطلق ناري على مستوى الجبين،وبعفوية قلت: لا تقل لي أن هذه جمجمة شهيد نبش قبره.واصل صمته ودموعه تنثال كأنها غيث في يوم شتاء ماطر ، وتابع إظهار الصور ، عندها أوقفته وأنا في حالة توتر بينة متسائلا: بربك تكلم هل الذي في خاطري هو الذي حصل؟ عندها نطق الشهادتين وحوقل ، ثم شرع في سرد وقائع الجريمة. لأسباب مجهولة قررت ما تسمى وزارة المجاهدين عملية تحت عنوان " ترميم مقابر الشهداء" وكلفت مديريات المجاهدين على مستوى الولايات تنفيذ المشروع المربح ، وفي جلسة عقدت على مستوى أمانة الولاية تحت رئاسة السيد الكاتب العام للولاية ، وبحضور السادة: مدير المجاهدين ، الأمناء الولائيون لكل من منظمتي المجاهدين وأبناء الشهداء.وفيها تقرر الشروع في تنفيذ المشروع المربح على كل مقابر الشهداء على مستوى تراب الولاية، وبدأت الإجراءات البيروقراطية إلى أن حانت ساعة التنفيذ ، رسا المشروع على مقاول للقيام بعملية الترميم المبرمجة ، وفي منتصف شهر رمضان الكريم بدأ المقاول أشغال الترميم داخل المقبرة:
المقبرة بعد إنجاز عمليات الترميم:
[
عينات من عمليات الترميم:
انتقلت وصديقي إلى المقبرة المنكوبة من فعل عملية الترميم التي رصدت لها مبالغ هامة قدرت بمئات الملايين من المال العام ، فاندهشت لما رأيت ، كأن معركة بالدبابات قد دارت رحاها هنا، قبور الشهداء مفتوحة حفرت بعمق بسيط جدا وطول مختصر كثيرا بحيث أن الحفر التي تم حفرها كما يحفر عن الخضروات الأرضية لاستخراجها من التربة لا تكفي لرفاة صبي ، فكيف تسع رفاة شهيد رجل، حيث جمع الثلث من العظام في أكياس بلاستكية والثلثان الآخران بقيا تحت التراب ، العمل تم القيام به من قبل صبية صغار لم يبلغوا الحلم،
عدل سابقا من قبل المدير العام في السبت نوفمبر 22, 2008 9:23 am عدل 1 مرات
الجمعة يناير 22, 2016 7:18 pm من طرف einstein2
» الدفن عند البوذيين
الأحد يناير 10, 2016 4:43 pm من طرف einstein2
» دائرة دون مسلخ
السبت يناير 09, 2016 8:35 pm من طرف einstein2
» هل تعرفون كيف مات الشيخ محمد الغزالي ؟
الجمعة ديسمبر 11, 2015 7:16 pm من طرف einstein2
» فضل سورة البقرة
الإثنين ديسمبر 07, 2015 5:40 pm من طرف einstein2
» الجزائر 7 - 0 تنزانيا
الخميس ديسمبر 03, 2015 5:21 pm من طرف einstein2
» راس الوادي ماضيا وحاضرا
الثلاثاء ديسمبر 01, 2015 3:14 pm من طرف einstein2
» اين رواد الموقع
الأحد نوفمبر 29, 2015 8:31 pm من طرف einstein2
» internet download manager
الخميس نوفمبر 26, 2015 4:39 pm من طرف einstein2